خلال مسيرتي الممتدة في الاستوديوهات التحليلية للدوري السعودي منذ عام 2006 وحتى 2025، تكونت لدي رؤية عميقة عن آليات عمل إدارات الأندية، وكيفية التعامل مع التحديات، إضافة إلى فهم فني متقدم ناتج عن تراكم سنوات من الاحتكاك المباشر مع اللاعبين والمدربين، ومتابعة دقيقة لأحداث وتحولات مرت بها الأندية عبر هذه الفترة.

في هذا الموسم الرياضي، واجه النادي النموذجي “الفتح” واحدة من أصعب مراحله، إذ تعرّض لهزة قوية بسبب انطلاقة متعثرة جعلته يقبع في المركز الأخير حتى ما قبل انطلاقة الجولة 16، وفي رصيده فقط 6 نقاط. كانت كل المؤشرات سلبية، خصوصًا بعد الخسارة القاسية أمام الهلال بنتيجة 9-0 في أول مباراة للمدرب غوميز، الأمر الذي جعل كثيرًا من المحللين والمتابعين يشعرون بأن المؤشرات توحي بأن الفتح في طريقه للهبوط، بل إن كثيرين رأوا أنه أول الهابطين.

لكنني كنت مؤمنًا بعمل إدارة النادي وبقدرات العناصر الموجودة، خاصة عند مقارنتها ببعض الفرق الأخرى. وُصفت مواجهة ضمك في الدور الأول بأنها “الفرصة الأخيرة”، وكررت ذلك مرارًا عبر التحليل؛ شعوري كان أن تلك المباراة قد تكون نقطة التحول، إما للعودة أو النهاية.

 

فعلاً، تحققت العودة، حيث حقق الفتح فوزًا غاليًا بعد غياب استمر 148 يومًا عن الانتصارات. لحظة كانت استثنائية، تابعنا فيها فرحة كبيرة تعكس حجم الضغط والأمل المتعلق بتلك المواجهة.

لكن الفوز وحده لم يكن كافيًا، فالطريق نحو البقاء كان يتطلب حصد 27 نقطة إضافية، ما يعني ضرورة تحقيق 9 انتصارات في الدور الثاني، في وقت كانت تنتظر الفريق مواجهات صعبة أمام فرق مثل النصر، الأهلي، القادسية، الهلال، والشباب. إلا أن العمل داخل الفريق تغيّر، والإيمان بالفريق كبر، فدخل الفتح الدور الثاني بروح مختلفة.

وجاءت مواجهة ضمك في الإياب لتكون بمثابة “نقاط البقاء” فعلًا، حيث أكد فيها الفتح بقاءه رسميًا، وكتب نهاية لقصة كانت في بدايتها تُكتب على أنها درامية، وانتهت بفرحة هستيرية لكل محب لهذا النادي النموذجي.

 

بالنسبة لي، كانت تجربة فريدة من نوعها، مختلفة عن كل ما مر بي من أحداث رياضية طوال مسيرتي.

وسعادتي أيضًا في كلمات التقدير والشكر التي وصلتني من إدارة النادي، والتي اعتز بها كثيرًا، لأنها تعكس التقدير لموقف وتحليل ورؤية آمنت بها منذ البداية، ورأيتها تتحقق على أرض الواقع جاءت أيضا بإيمان العشاق والمحبين الذين لم يغيبوا يوماً عن فخر الأحساء .. ألف مبروك لعشاق النموذجي.